الفن والعلم


 : الفن والعلم

يحاول العلم ان يقدم لنا الحقيقة عن الموضوعات التي يدرسها سواء كانت حجراً او نباتاً اوحيواناً وبهذا المنهج تقدمت الحضارة . فالتفسير العلمي يرد المركبات الى عناصرها –فالعلم يرد الجسم الى خلايا بيولوجية او المادة الى عناصر كيميائية ،والحياة السيكولوجية ترتد الى عناصر بسيطة هي الاحساسات – والعالم لا يكتفي بوصف الحقيقة دائما بل يعنى بتفسيرها اي فهم الظواهر المختلفة على انها نتائج لا سباب ،فالوصف والتفسير اساسيان في البحث العلمي والوصف يستلزم التفسير مثلا ،حينما يتحد العالم عن مياه البحر فهو يذكرنا انها تحتوي على ملح ولتحقيق صحة ذلك
وتفسيره سوف يحضر كمية من الماء فيبخرها ليرينا الملح 


لوحة للفنان أيوب بازوليني
فالتفسير الذي يقدمه العالم لا يبين لنا حقيقة الشيء في ذاته ولكن يخبرنا عن النتائج التي نحصل عليها منه تحت ظروف معينة. والمهم في العلم ليس تنظيم المعلومات وتصنيفها فحسب ،بل المهم هو ربطها والعمل على تفسيرها ايضا ،ولهذا فقد وصف بعضهم العلم بانه مجرد (تفسير منهجي يقوم على ربط المعرفة وتصنيفها ). ومعنى هذا ان السمات المميزة للبحث العلمي هي التفسير ،واقامة علاقات الارتباط او التوقف بين القضايا التي قد تبدو في الظاهر غير مترابطة ،والعمل على تنظيم العلاقات القائمة بين عناصر المعرفة المتباعدة او المشتتة بطريقة منهجية واضحة .وربط شتى تجاربنا من اجل وضعها في نسق منطقي محكم فالعالم يكشف لنا عما تنطوي عليه الظواهر من انماط العلاقات لكي لا يلبث ان يقوم بعملية (توحيد ) يحاول فيها التأليف بين هذه العلاقات على صورة (نظام استنباطي)يجعل منها مبادىء منطقية صارمة.


حول الفن والعلم : 

لا يستطيع أي إنسان أن يرى الجمال في شيء أو يكتشف هذا الجمال إلا وأن يحترم هذا الجمال ويقدسه. الجمال حاضر بشكل فطري فينا ينتظر من يكتشفه، هل اكتشاف الجمال مسألة فهم ووعي وتعلم؟ هل الجمال ذو طبيعة ذاتية أو موضوعية؟ لنحاول الإجابة على هذه الأسئلة، لا نعرف إذا كنا نستطيع الحصول على إجابات شافية!
الموضوع الأساسي والأول والأخير للفن هو الجمال والقيم الجمالية، وأسلوب إظهار هذه القيم الجمالية في شتى المجالات التي يتناولها الفن من تشكيل وأدب وموسيقى....
الجمال ذو طبيعة روحية "إلهية". اكتشفته البشرية عبر العصور التاريخية، كان حاضراً وفاعلاً بقوة وإلى أقصى حد في إنتاجنا الثقافي والفني. ليس للجمال طبيعة فيزيائية ليس ذاتياً فهو خارجي يتسم بالموضوعية. غالبية البشر يتفقون على نواحي جمالية عديدة، ويتعلق بدوره أيضاً ويرتبط نوعاً ما وإلى حد ما بثقافة الجماعة والمجتمع.
الفن كالعلم كلاهما يتناولان العالم كموضوع. بالفن نستطيع تجاوز العالم المحسوس! أما العلم التجربة الحسية هي الأساس لاختبار مدى صحة أفكارنا ونظرتنا حول موضوع ما أو حول العالم. مصدر المعرفة في العلم هي الحواس، هذا ليس بالمطلق فالعلماء ينطلقون من النظرية إلى التجربة لاختبار صحة أفكارهم وليس العكس. ينطلق العالم من النظرية ككل ثم يتم اختبار صحة هذه النظرية من خلال التجربة، أي يتم اختبار النظرية بالنسبة لموضوع محدد حيث يتم فيما بعد بعملية تركيب في محاولة تعميم هذه النظرية لتصبح أكثر شمولية.
الفن ليس بحاجة إلى تجربة للاختبار. فقيمته يأخذها من الإبداع والقيم الجمالية التي يمثلها. العمل الفني يخاطب الوجدان والوعي دفعة واحدة. الفن موضوعي خارجي بالنسبة للإنسان لأن البشر في غالبيتهم يتفقون على قيم ومفاهيم جمالية معينة فهو ليس ذاتياً، ولكن هل بعض من الكائنات الأخرى تستطيع إدراك الجمال كما نعيه نحن البشر؟ لا يمكننا معرفة ذلك في الوقت الحالي. هل هو مقتصر على العقل البشري؟ يهتم البشر بالفن بشكل ملفت وإن كان مقتصراً على العقل البشري، فالأعمال الفنية تكتسب قيمة مادية عالية، حيث يتنافس البشر على امتلاك هذه الأعمال، من هنا يكتسب الفن قيمته الموضوعية ، وبالتالي يكتسب قيمته المعرفية، الفن يصنع المعرفة، وهو يعكس الجانب الروحي لهذا العالم الذي نحى فيه، وما اهتمام البشر بالفن إلا مؤشراً قويا لأهمية وتأثير هذا الجانب الروحي لهذا العالم في حياتنا العامة. وما نهضة أوربا وتطورها إلا وكانت بدايتها بالفن وتطوره.




Share this

Related Posts

Previous
Next Post »