مقدمة تاريخيّة
في القرنين التاسع عشر والعشرين حقق الغرب العديد من الإنجازات العلميّة، كاكتشاف أشعّة أكس والبنسلين، والخوض في أعماق اللاشعور، واختراع التصوير الضوئي والسينما والهاتف والراديو والتلفاز والحاسب،والكهرباء والصواريخ والسيّارة والقطار البخاري وما تلاه من وسائل نقل، كما أثّرت في هذين القرنين الثورة الصناعية والآلة على مختلف الاتجاهات الأدبيّة والإبداعيّة، وكذلك كان للحروب والأزمات الدور الأكبر في التأثير، فجاءت الحرب العالمية الأولى، ومن ثم تبعتها الثانية التي لم تنتهِ إلا باستخدام القنابل النوويّة لتهزّ أفكار ومشاعر ومعتقدات الإنسان … إن التطوّر السريع والمتقلّب الذي ضرب العالم في هذين القرنين كان لا بدّ له من أن يؤثّر على مجال الفنون، ليولّد اتجاهات وتيّارات كان وسيكون لها تأثيراً كبيراً على تاريخ الفن، وقد برزت هذه التيّارات بوضوح وتنوّع شديدين في القرن العشرين
وهي مجموعة اتجاهات وتيارات فنية ظهرت في الغرب منذ ما بعد الستينات من القرن العشرين، وتمتد حتّى الوقت الحالي. ومصطلح ما بعد الحداثة يشمل كل المدارس والتيارات التالية لما هو حديث خاصة في الفنون وبالذات في العمارة، وينطبق هذا اللفظ على حركة تناهض ما يعرف "بالحديث"، ويتداول مصطلح الفن المعاصر في مجال الفنون التشكيليّة كمقابل أو مرادف لمصطلح ما بعد الحداثة (عمارة) المتخصص في مجال العمارة.
: ومن الأفكار السائدة على ما بعد الحداثة أنها حركة تتقبّل مفهوم "كلشيء مقبول"، التي ترجع للناقد الفرنسي " ليوتار" وعلى جانب آخر نجد ناقد آخر من نقاد ما بعد الحداثة وهو" ايهاب حسن " يسبق " هيبدايج وليوتار" في الكتابة ويرى أن زمن ما بعد الحديث هو زمن "استحالة التحديد"... وسوف نرى لاحقاً أن هيبدايج يصف ما بعد الحداثة بأنها التجميع (أو الاقتطاف) ، والمعارضة (محاكاة الأشكال السالفة ومزجها)، والمجاز أو الرمز والفراغ المفرط في العمارة الجديدة
هكذا فقد كانت بعض اتجاهات ما بعد الحداثة تميل إلى جمع الفنون، سواء الفنون السبعة أو عدد منها, وذلك للخروج من حيّز اللوحة، ويقول "د. أسعد عرابي" مستغرباً : [ ابتدأ مع "عصر النهضة" تقسيم مالا يقبل القسمة من الفنون، وازدادت هذه الفروق تخصصا مع العصور الكلاسيكية المحدثة والأكاديمية والنمطية والباروك، في أوروبا، حتى أصبحنا نسمع بمصور مائي وآخر زيتي أو مصمم ميداليات ومفروشات أو سجاجيد وديكورات، (…)(ويؤكّد في نفس المقال) لقد آن الأوان أن نقبل ببعث وحدة الفنون في تيارات ما بعد الحداثة، ومن الخطيئة قياس هذه التيارات بمقياس لوحة القرن الماضي. (…) أما توليف الفنون بعد سنوات السبعين (ما بعد الحداثة) فيعتمد لأول مرة على التخلي كلية عن مركزية التصوير وإقامة "ديموقراطية" كاملة بين أصناف التعبير والحواس والتفاعل الكامل بين لغة الصوت والصورة، الشكل والحرف والعبارة والمشهد والجمهور والتعاضد بين المختبرين الصناعي والنقدي.
EmoticonEmoticon